احكام العدة والعادات

اخوتي اسمحوا لي ان نطرق هذا الباب وهو في غاية الاهمية وبحثت عن هذا الموضوع ووجدته الحمد لله في خطب الامام الشافعي وارجو منكم شاكرا ان تنفعوا به اهلنا في الجبل لانهم في غاية الحوجة له موضوع العدة هو موضوع خطبتنا هذا اليوم ، المرأة إن طلقت أو توفي عنها زوجها تعتد ، فكيف ومتى وما هي أحكام العدة ؟ إن العدة وإن كانت عندنا تهم النساء أكثر من الرجال ، ولكن الرجال ينقلون للنساء هذه الأحكام .

العدة مأخوذة من العدد أو الإحصاء ، وتعريفها شرعاً أنها مدة حددها ربناU بعد الفرقة من الزوجية من طلاق أو موت يجب على المرأة الانتظار فيها حتى تنتهي هذه المدة ، وهذه العدة واجبة في كتاب الله U وفي سنة النبي r قال ربنا U : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) (2) أي ثلاثة حيضات أو ثلاثة أطهار ، ومن حديث النبي r قوله : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً ) (3) ، وتتجلى الحكمة من العدة في أمور عديدة من أهمها :

الأمر الأول : إظهار العبودية لله بتنفيذ أوامره فالعدة أمر تعبدي من الله U .

الأمر الثاني : براءة الرحم لكي لا يكون اختلاط بالأنساب.

الأمر الثالث : التفجع وإظهار الحزن والأسى على فراق الزوج .

ولنبدأ بأحكام العدة من حيث المدة :

أولاً : المرأة المطلقة التي لم يدخل بها ، ليس عليها عدة ، طلقت من غير أن تمس من قبل الزوج هناك عقد لكن ليس هناك دخول ، ليس عليها عدة . قال ربنا : ( ثم طلقتموهم من قبل أن تمسوهن فما لم عليهن من عدة تعتدونها ) (4) ، وهذه الزوجة التي هي على عقد الزواج فقط إذا توفي عنها الزوج اعتدت عليه أربعة أشهر وعشراً لعموم الآية الكريمة ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) (5) ، ولا فرق بين المدخول بها وغير المدخول .

ولكن ما هي عدة المطلقة ؟ إن طلقت المرأة فعدتها ثلاث حيضات ما يقرب من ثلاثة أشهر ، قال ربناU :

( و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) أما الحامل التي طلقت فإن عدتها تنتهي عند وضع حملها ، قال ربنا U : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) (6) ، فتنقضي عدتها بوضع حملها ، أما المرأة الصغيرة التي لا تحيض أو الكبيرة التي قطعها السن قال ربناU : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ) (7) ، فالمرأة التي بلغت السبعين فطلقت تعتد بثلاثة أشهر ، أما إذا توفي عنها زوجها فتعتد أربعة أشهر وعشراً .

أما المتوفي عنها زوجها فإنها إن كانت حاملاً انقضت عدتها بوضع حملها ولو بعد الوفاة بزمن قصير ، أما إن كانت غير حامل فإنها إن كانت صغيرة أو كبيرة تحيض أو لا تحيض فعدتها أربعة أشهر و عشرة أيام ، قال الله U : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ) ( Cool

، ولكن متى تبدأ عدة المرأة ؟ سؤال لطالما جهله الكثيرون فبعض النساء تبدأ عدتها متى تريد . . .وهذا غير صحيح ، عدة المرأة تبدأ من يوم الطلاق أو من ساعة الوفاة ، فليس هناك أيام تقضي فيها المرأة أشغالها بعد الوفاة ثم تقول : أنا بعد عشرة أيام سأمسك العدة لا. . . العدة تسري على المرأة منذ أن توفي الزوج ومنذ أن أعلن الرجل الطلاق أيضاً ، والأمر المهم الذي يجب أن يذكر : ما هي أحكام العدة ؟ ولطالما صار في مجتمعنا عرف وعادات تخالف الدين ،وراح كثير من الناس ينصتون رجالاً و نساءً إلى هذا العرف وهذه العادات ، و يتركون الدين جانباً إنهم أناس بعيدون عن الله U .

واجبات المرأة في العدة هي ستة أمور تقريباً :

الأمر الأول : ألا تخطب المرأة المعتدة .

الأمر الثاني : ألا تتزوج ، قال الله U : ( ولا تعزموا عقد النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) (9) (أي حتى تنتهي عدتها ) .

الأمر الثالث : حرمة الخروج من البيت ، فالمرأة تعتد مطلقة كانت طلاقاً بائناً أو متوفى عنها زوجها ، تعتد في بيتها والمطلقة لا تخرج من البيت أبداً ، قال I : ( لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) (10) ، أما المتوفى عنها زوجها فتعتد أيضاً في بيت الزوجية ولا تخرج منه إلا لضرورة فإن كانت هناك ضرورة تخرج بقدر الضرورة وقضاء حاجتها ثم تعود قبل الليل ولا يجوز لها أن تنام خارج بيتها .

الأمر الرابع : النفقة للمرأة المعتدة من طلاق رجعي ، إن كان الطلاق رجعياً ( أي الطلقة الأولى أو الثانية ) فللمرأة حق بالنفقة من قبل زوجها ، أما إن كانت طالقة طلاقاً بائناً أو متوفى عنها زوجها فليس لها نفقة .

الأمر الخامس : وهو الأهم : الحداد على الرجل قال النبي e : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً ) وجاءت السيدة أم حبيبة زوج النبي r بعد أن توفي أبوها أبو سفيان بعطر وطيب وتطيبت وتعطرت بعد وفاة أبيها بثلاثة أيام وقالت : والله مالي بالطيب من حاجة ولكن أريد أن أعلم النساء أنه لا حداد لا على أب ولا على ولد ولا على أخ ولا على أخت ولا على أم أكثر من ثلاثة أيام ، وللزوج أن يمنعها من الحداد لأن الزينة حق له ، هذا إن كان الحداد على الأقارب أما الحداد على الزوج وهو أربعة أشهر وعشرة أيام فإنه واجب على المرأة.

ومعنى الحداد هو :

أولاً : أن تترك المرأة زينتها في حال حدادها ، فلا تلبس ذهباً ولا فضة ولا تتزين زينة المرأة .

ثانياً : أن تترك العطر والطيب لما فيه من الترف .

ثالثاً : أن تترك الدهن المطيب وغير المطيب لأن فيه زينة للشعر .

رابعاً : أن تترك الكحل.

خامساً : أن تترك الحناء

سادساً : أن تترك اللباس الأحمر والأصفر وما كان فيه صباغ زاه ، وليس معنى ذلك أن تلبس الأسود دائماً ، قال العلماء : إذا لبست الأبيض فليس في ذلك كراهية ، إذن أن تترك الأحمر والأصفر فقط وقالت الصحابية التي روت الحديث : كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس الأحمر ولا المعصفر ، هكذا روت الصحابية عن النبي r .

هذه أحكام العدة أحببت أن أبينها لكي نبتعد عن الأخطاء الشائعة التي يتمسك بها الناس ، ومن هذه الأمور أن يعتقد الكثير من الناس أنه لا يجوز للمرأة المعتدة أن تتكلم على الهاتف في وقت العدة لا مع رجل ولا مع غيره ، وهذا مخالف للشريعة ، قال العلماء : للمرأة المتوفى عنها زوجها خاصة أن تخرج إلى السوق للتبضع وشراء حاجاتها إن لم يكن عندها من يشتري لها حاجاتها ، ومعلوم أنها سوف تتكلم في السوق مع الرجال ومع النساء ،وتعتقد بعض النساء أن المرأة المعتدة لا يجوز أن ينظر إليها طفل صغير عمره ثلاث سنين أو خمس سنوات ، وهذا أيضاً خطأ يقع فيه الكثير من النساء ، ويعتقد الكثير من النساء أن المرأة المعتدة لا يجوز أن تسرح شعرها إلا بمشط من خشب ، ولا يجوز لها أن تنام إلا على جلد خروف ، ولا يجوز لها أن تنظر إلى المرآة ، كل هذه أمور لم يأمر بها الله وما أنزل بها من سلطان، وليس في ذلك شيء من الصحة .

وهنا أمر مهم أن بعض النساء يتمسكن بعدة الوفاة ولا يتمسكن بعدة الطلاق وحاجة المرأة والمجتمع إلى عدة الطلاق أكثر من حاجته إلى عدة الوفاة ، فنرى المطلقة ثلاثاً والتي يجب أن تعتد ثلاثة أشهر تخرج من بيتها في حال عدتها متزينة متعطرة وكأنها تقول للرجال : تعالوا إلي ، وهذا حرام شرعاً وتقع فيه المرأة بمعصية الله U

ومن الأخطاء الشائعة : أن الزوج يعتقد أن العدة هي حق له فقط فيقول للزوجة في حال مساومة أو مقايضة :

يا أم فلان سامحيني بالمتأخر ، أسامحك بالعدة ، وكأن العدة هي حق له فقط . . . لا يا رجل . . . العدة هي حق لك من جانب وهي حق لله من جنب آخر ، فإن تنازلت أنت عن حقك فليس معنى هذا أن يتنازل الله عن حقه ، أو أن يقول الرجل مثلاً وهو في حالة صفاء مع المرأة : أنا أسامحك بالعدة بعد وفاتي لأنني أرى أنك لا تستطيعي أن تجلسي في البيت أربعة أشهر ، ومن قال لك أنها ستجلس أربعة أشهر لا تخرج منه . . . لها الحق في ذلك إن كان خروجها في عذر أو حاجة أو ضرورة ، عدة المطلقة يجب أن تقضيها في البيت حتماً وأن يأتيها الزوج بالطعام والشراب ، قال الله U : ( لا تخرجوهن من بيوتهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) ، هذه أحكام العدة في الإسلام بشكل موجز ليبقي عندنا شيء من معرفة أحكام الله U كما قلت ( ما عبد الله في شيء أفضل من فقه في دين ) اللهم فقهنا في ديننا وعلمنا أحكامه يا رب العالمين ، و اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، والحمد لله رب العالمين.

السؤال س: هل يجوز للمعتدة الخروج من بيتها لطلب الرقية والعلاج إذا اضطرت لذلك ؟
الاجابـــة
الحادة على زوجها تلزم بيتها مدة الإحداد ، ولكنها تخرج للضرورة مع التستر والاحتشام وعدم التطيب أو التجمل . ومن ذلك خروجها للعلاج عند طبيب مع محرم ، وفي المستشفيات . وهكذا خروجها مع محرمها إلى الراقي المأمون إن اضطرت إلى ذلك ولم تجد امرأة راقية ولم تقدر على رقية نفسها فتخرج بقدر الحاجة .

السؤال س: هل يجوز للمرأة وهي في أثناء العدة أن تكلم الرجال للحاجة أو ترد على الهاتف ؟
الاجابـــة
المعتدة من طلاق رجعي تبقى عند زوجها حتى تنتهي عدتها ومن طلاق بائن لها الخروج ولا تحل خطبتها تصريحًا حتى تقضي عدتها، والحادة تبقى في بيتها مدة الإحداد ولها أن تكلم الرجال الأقارب أو الأصحاب بقدر الحاجة وكذا الرد على الهاتف كلامًا عاديًا ولا تتمادى مع اللاعبين والمعاكسين ونحوهم .

السؤال س: زوجة مات عنها زوجها وهي تعمل لإطعام أطفالها، فهل لها أن تخرج لعملها زمن الحداد؟ علما بأنه ليس لديها أي دخل يكفيهم.
الاجابـــة

يلزمها إطعام أطفالها مما تقدر عليه، ويجوز لها العمل والاشتغال زمن الإحداد، فلها الخروج لعملها مع التزامها بالإحداد، فلا تلبس حليا، ولا ثياب شهرة، ولا تتخضب، ولا تكتحل، ولا تتطيب، ولا يضرها ذلك العمل، ولها أجر على عملها لإطعام أطفالها.

جزاك الله خيرا يا اخونا بخيت
ونعمة بالاسلام الذي يواكب الحياة وينظم السلوك وأينما وجدة الشدة نجد هناك رخصة وهذا يدل على ان ديننا الاسلام هو صالح لكل زمان ومكان